كيف أعامل باحترام من يعاملني بعصبية؟

سؤال
كيف أعامل من يخاطبني بأدبٍ واحترام، مع أنه يكلمني بعصبية، ولا أحب أحد أن يعصب علي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فهذا السؤال الذي طرحته هو بحمد الله – سؤال جيد وقوي، لا سيما وأن الإنسان قد يتعرض لمثل هذا الموقف الذي أشرت إليه، فيحتاج إلى استعداد وتهيؤ لمقابلة هذا الموقف والخروج منه.

فأول ما تفزع إليه للتوفيق في هذه المواقف – بل وفي كل موقف – هو الاستعانة بالله تعالى، وطلب المعونة منه، فإن الخلق الحسن نعمة عظيمة من الله تعالى، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ). رواه الترمذي في سننه. وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ). رواه أبو داود، فلا بد من طلب المعونة من الله تعالى على تحصيل هذه الرتبة العظيمة، وهذه الخصلة الشريفة.

والأمر الثاني: معرفة فضل ( كظم الغيظ والعفو عن الناس ) ومعنى كظم الغيظ أي حبسه ومنعه، فقد قال تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقد أشرنا إلى أن ذلك راجع للخلق الحسن كما تقدم في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج أبو داود في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على روؤس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من أي الحور العين شاء )، وفي مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مواقف لا تحصى من هذا الخلق النبيل.

ويدخل في هذا المعنى معرفة أن الرجل العاقل اللبيب هو الذي يملك نفسه عند الغضب، كما أخرجه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة - أي الذي يصرع الناس بقوة جسمه - ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).

والأمر الثالث: معرفة عواقب التمادي في الغضب والاسترسال فيه، فكم من غضبة جرت إلى كلام وأفعال لا تحمد عقباها، والعاقل يحترز، ويأخذ بالوقاية قبل العلاج.

والأمر الرابع: الحرص على مخالطة الأخوة الصالحين، أصحاب الخلق والأدب، فإن المرء على دين خليله – كما قال صلى الله عليه وسلم – وبمخالطة عقلاء الناس تستفيد في دينك وخلقك، بل وفي عقلك أيضاً.

والأمر الخامس : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند حصول بوادر الغضب كما صح ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن أمكن تغيير الوضع الذي أنت عليه فهذا مطلوب، فإن كنت واقفاً فاجلس، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع ). رواه أبو داود.

وهذا إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم للسيطرة على الغضب بالجانب السلوكي الذي يغضب قوة الغضب النفسية عند الإنسان، مع دفع إمكان صدور حركة غاضبة قد يندم عليها الإنسان، وهذا موضع عظيم القدر شريف المعنى، فتدبره واحرص عليه.

ونسأل الله لك التوفيق والهدى والسداد والعافية في الدنيا والآخرة.